سورة الأنفال - تفسير تفسير ابن الجوزي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الأنفال)


        


قوله تعالى: {واعلموا أنما أموالكم وأولادكم فتنة} قال ابن عباس: هذا خطاب لأبي لبابة، لأنه كانت له أموال وأولاد عند بني قريظة. فأما الفتنة، فالمراد بها: الابتلاء والامتحان الذي يُظهر ما في النفس من اتِّباع الهوى أو تجنُّبِه {وأن الله عنده أجر عظيم} خير من الأموال والأولاد.
قوله تعالى: {إن تتقوا الله} أي: بترك معصيته، واجتناب الخيانة لله ورسوله.
قوله تعالى: {يجعل لكم فرقاناً} فيه أربعة أقوال.
أحدها: أنه المخرج، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس، وبه قال عكرمة، ومجاهد، والضحاك، وابن قتيبة. والمعنى: يجعل لكم مخرجاً في الدين من الضلال.
والثاني: أنه النجاة، رواه العوفي عن ابن عباس، وبه قال قتادة، والسدي.
والثالث: أنه النصر، رواه الضحاك عن ابن عباس، وبه قال الفراء.
والرابع: أنه هدى في قلوبهم يفرقون به بين الحق والباطل، قاله ابن زيد، وابن إسحاق.


قوله تعالى: {وإذ يمكر بك الذين كفروا} هذه الآية متعلقة بقوله: {وذكروا إذ كنتم قليلاً} [الأعراف: 86] فالمعنى: أَذْكِرِ المؤمنين ما مَنَّ الله به عليهم، واذكر إذ يمكر بك الذين كفروا.
الإشارة إلى كيفية مكرهم قال أهل التفسير: لما بويع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة، وأمر أصحابه أن يلحقوا بالمدينة، أشفقت قريش أن يعلوَ أمره، وقالوا: والله لكأنكم به قد كرَّ عليكم بالرجال، فاجتمع جماعة من أشرافهم ليدخلوا دار الندوة فيتشاوروا في أمره، فاعترضهم إبليس في صورة شيخ كبير، فقالوا: من أنت؟ قال: أنا شيخ من أهل نجد، سمعت ما اجتمعتم له، فأردت أن أحضركم، ولن تعدموا من رأيي نصحاً، فقالوا: ادخل، فدخل معهم، فقالوا: انظروا في أمر هذا الرجل، فقال بعضهم: احبسوه في وَثاق، وتربَّصوا به ريب المنون. فقال إبليس: ما هذا برأي، يوشك أن يثب أصحابه فيأخذوه من أيديكم. فقال قائل: أخرجوه من بين أظهركم. فقال: ما هذا برأي، يوشك أن يجمع عليكم ثم يسير إليكم. فقال أبو جهل: نأخذ من كل قبيلة غلاماً، ثم نعطي كل غلام سيفاً فيضربوه به ضربة رجل واحد، فيفرَّق دمه في القبائل، فما أظن هذا الحي من قريش يقوى على ضرب قريش كلِّها، فيقبلون العَقل ونستريح. فقال إبليس: هذا والله الرأي، فتفرَّقوا عن ذلك. وأتى جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمره أن لا يبيت في مضجعه، وأخبره بمكر القوم، فلم يبت في مضجعه تلك الليلة، وأمر علياً فبات في مكانه، وبات المشركون يحرسونه، فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم، أذن له الله في الخروج إلى المدينة، وجاء المشركون لَّما أصبحوا، فرأوا علياً، فقالوا: أين صاحبك؟ قال: لا أدري، فاقتصُّوا أثره حتى بلغوا الجبل، فمروا بالغار، فرأوا نسج العنكبوت، فقالوا: لو دخله لم يكن عليه نسج العنكبوت. فأما قوله: {ليثبتوك} فقال ابن قتيبة: معناه: ليحبسوك. يقال فلان مثبت وجعاً: إذا لم يقدر على الحركة. وللمفسرين فيه قولان:
أحدهما: ليثبتوك في الوَثاق، قاله ابن عباس، والحسن في آخرين.
والثاني: ليثبتوك في الحبس، قاله عطاء، والسدي في آخرين. وكان القومُ أرادوا أن يحبسوه في بيت ويشدوا عليه بابه ويلقوا إليه الطعام والشراب، وقد سبق بيان المكر في [آل عمران: 54].


قوله تعالى: {وإذا تتلى عليهم آياتنا} ذكر أهل التفسير أن هذه الآيه نزلت في النضر بن الحارث بن علقمة بن كلدة، وأنه لما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر قصص القرون الماضية، قال: لو شئت لقلت مثل هذا. وفي قوله: {قد سمعنا} قولان:
أحدهما: قد سمعنا منك ولا نطيعك.
والثاني: قد سمعنا قبل هذا مثله، وكان النضر يختلف إلى فارس تاجراً، فيسمع العبَّاد يقرؤون الإنجيل. وقد بين التحدِّي كذب من قال: {لو نشاء لقلنا مثل هذا}. وقد سبق معنى الأساطير في [الأنعام: 25].

3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10